هيركيول بوارو هرقل بوارو Hercule Poirot شخصية خيالية هي الشخصية الرئيسية في العديد من الروايات البوليسية للكاتبة أغاثا كريستي. قُدمت في عدد كبير من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والدراما الإذاعية والعروض المسرحية. يمتاز بوارو بحجمه الصغير، رأسه بيضاوي الشكل، عينيه الخضراوين كعيون القطط، شاربه الشهير المُعتنى به بدقة، وتأنقه الزائد في ملبسه، ما يشكل غالباً مصدر تسلية للمحيطين به. كما أن شفته العُليا مُعلمة بندبة بشعة، يُغطيها شاربه الضخم. يعمل بوارو بشكل منظم، وغالباً ما يعزو نجاحه إلى الخلايا الرمادية الصغيرة في دماغه. يُحب الغموض والدراما، ولا يميل إلى مشاطرة المعلومات أو كشف الشرير إلا في آخر لحظة ممكنة، وهذا ما جعل كبير المفتشين جاب وآرثر هستنغز يتهمانه بتعمد إخفاء المعلومات عن الآخرين ليبدو أذكى مما هو عليه حقيقة. وبالرغم من افتعاله وميله لإخفاء المعلومات، فإن بوارو رجل على قدر بالغ – إن لم يكن خارقاً – من الذكاء، وصاحب شخصية فاتنة تجعل الكثيرين يبوحون له بالمعلومات الشخصية التي لا يبوحون بها عادة لأي كان.
ظهر بوارو في ثلاثين رواية وأكثر من خمسين قصة قصيرة لأغاثا كريستي، وهو أحد أشهر شخصياتها، غير أن بعض النقاد يعتقدون أن شخصيته مأخوذة من شخصيتي محققين خياليين آخرين ظهرا في الفترة نفسها. كما حدث للسير آرثر كونان دويل مع شرلوك هولمز؛ تعبت أغاثا كريستي من ابتكارها، وفي الثلاثينيات شعرت بأنه "لا يُطاق"، ثم شعرت في الستينيات بأنه "شخص بغيض، مُتكلف، مُضجر، وأناني متملق". غير أن الجمهور أحبه كثيراً، ورفضت أغاثا قتله لأنها شعرت أن من واجبها تقديم ما يحبه الجمهور، وما يحبه الجمهور كان بوارو. برغم بغض مؤلفته له فإن بوارو محبوب من قبل الملايين من المعجبين حول العالم، ويُعتبر مع شرلوك هولمز النموذج الأعلى للمحققين. ويدين المحققون اللاحقون ذوي الذكاء اللامع والشخصيات غريبة الأطوار بانحناءة لبوارو الذي، بنشر موته في قصة الستارة عام 1975، كان الشخصية الخيالية الوحيدة في التاريخ والتي أُبّنت على صدر صفحات جريدة نيو يورك تايمز.
إشكاليات متعلقة ببواروحين مات بوارو في رواية الستارة؛ كان كبير السن، ولأن أغاثا كريستي قد نصت بوضوح على أن أحداث
الروايات تقع في نفس الفترة الزمنية التي كُتبت خلالها، إلا إذا أشير إلى خلاف ذلك في متن الرواية. يُصبح تحديد عُمر بوارو صعباً، ذلك أنه عاصر حربين، ويُفترض أن ذلك كان بعد تقاعده من الشرطة البلجيكية. من نقاط الخلاف؛ سن بوارو عندما تقاعد من عمله كشرطي، فيغلب الإعتقاد بأن ذلك كان في سن الخمسين، بينما تذكر قصة علبة الشكولاته أنه تقاعد وسنه يدور حول الثلاثين. وهذا يُفسر سبب طول مسيرته كمتحرٍ خاص. بالنسبة لعائلته، كانت هُناك إشارة إلى أخت له تُسمى إيفون في الطبعة الأولى من قصة علبة الشكولاته، وأزيلت في الطبعات اللاحقة دون سبب واضح ومحدد. وإلى الآن لا تزال حقوق نشر بوارو محفوظة لحفيد أغاثا كريستي ماثيو بريتشارد.
صفات بوارويصف آرثر هستنغز بوارو في رواية جريمة على الصلات بأنه:
رجل ضئيل الجسم إلى أبعد الحدود، لا يتجاوز طوله مائة وستين سنتيمتراً، ذو رأس بيضوي يميل قليلاً إلى الجانب، وعينين تشعان باللون الأخضر عندما ينفعل، وشاربين عسكريين، وإحساس مُرهف بالكرامة!.
يمتاز بوارو بحس مفرط بالنظام والترتيب، ويهتم كثيراً بالأناقة، ويميل إلى محاكاة الطبقة الأرستقراطية في تصرفاته. شاربه الضخم يوصف غير مرة بأنه: "لا مثيل له في العالم!"، ويعتني بوارو به بشكل دقيق جداً، كما يعتني بهندامه. قوام بوارو الضئيل وشكله الأجنبي يثيران استعلاء بعض المتعصبين في بريطانيا، كما أنه يفيد بوارو في عمله كمتحرٍ إذا أن البريطانيين يقولون له كل ما لا يمكنهم قوله عادة، باعتبار أنهم إذا تحدثوا إلى أجنبي فكأنما لا يتحدثون إلى أحد. يمتاز بوارو بذكاء حاد، وغرور مفرط، كما أن له طبيعة انتقادية، وكتومة جداً. ويُشيع حوله جواً من الثقة بحيث يثق فيه الناس بسهولة شديدة. يعتمد كثيراً على معرفته بالنفس البشرية، ولا يخشى توجيه الانتقادات لنفسه. بالرغم من أنه يُبدي سذاجة كبيرة أحياناً، إلا أنه يمتاز بمكر شديد، وقدرة على التدبير والإلمام بكافة الخيوط. كما أن ثقته بالقانون غير قوية، إذ أنه كثيراً ما يميل لتطبيق العدالة بنفسه، وحماية بعض المجرمين لسبب أو لآخر.
يتكلم بوارو الإنجليزية بلكنة فرنسية ثقيلة، مع أنه يستطيع الكلام بها بوضوح، وبطريقة لا تبين فيها آثار لأي لكنة إلا لكنة لندن، لكنه لا يفعل ذلك إلا حين يضطر. يتمتع بوارو بمخيلة واسعة، وقدرة على اختلاق الكذبات السريعة المحبوكة. ويشتهر بأن لديه خزيناً دائماً من أفراد العائلة الإحتياطيين لمساعدته في قضاياه المختلفة.
سنوات الطفولةوُلد بوارو في سبا البلجيكية عام 1885، ولوحظ أنه جاء في مجموعة "أعمال هرقل" أن أم هرقل بوارو جاءت باسمه خلال حديث مع أم شرلوك هولمز ، الأمر الذي يُفسر الاسمين الفريدين للشخصيتين الخياليتين، ويوجد عالماً لبوارو يُشبه عالم "عصبة السادة المميزين"، لكن الواضح أن الأمر لا يعدو مُجرد الإشارة إلى طرافة الاسمين. لا يوجد ذكر لأي شخصيات أدبية أخرى في روايات بوارو، لكن الروايات تزخر بالإشارات إلى شرلوك هولمز كنموذج المحقق الخيالي، ويُوجه بوارو انتقادات مُبطنة شديدة اللهجة إلى منهج هولمز في التحري باعتباره "كلب صيد بشري"، مُسقطاً هذا الوصف على المحقق الفرنسي الذي يتمثل أسلوب هولمز جيرو.
كان بوارو كاثوليكياً بالولادة، ولا يُعرف الكثير عن طفولته، إذ أنه يخترع لطفولته دائماً أحداثاً تُناسب القضية التي يُحقق فيها. غير أنه ذكر في مأساة من ثلاثة فصول؛ أنه وُلد لأسرة فيها الكثير من الأبناء والقليل من المال. ثُم ادعى في ركوب التيار بأن الراهبات ربينه وعلمنه، ما يُشير إلى يُتمه وأشقائه. وتكمُن الصعوبة في تحديد علامات لطفولة بوارو في كونه كثير الكذب بشأن عائلته، إذ أنه يختلق عائلة خاصة مختلفة كلما احتاج لذلك في قضية.
في قضية مقتل روجر أكرويد اختلق ابن أخ يُعاني من إعاقة عقلية كعذر يمكنه من التحقيق في المصحات العقلية المحلية، وفي الشاهد الأخرس يختلق قصصاً عن أمه الكبيرة العاجزة ليتمكن من التحري عن الممرضات، وفي الأربعة الكبار يختلق أخاً توأماً لنفسه هو أكيل بوارو (ولم يَكُن أكيل إلا هرقل نفسه متنكراً). ويُقدم أخاه إلى صديقه هستنغز بطريقة غامضة؛ إذ أنه يقول له: "كل رجال التحري لهم إخوة."
سنوات بوارو في الشرطةانضم بوارو إلى الشرطة البلجيكية في شبابه، ويبدو أن مسيرته المهنية كانت مميزة. كذلك لا توجد معلومات قياسية تؤرخ هذه الفترة من حياة بوارو، لكن المعروف أن شهرته بدأت عندما حل قضية زوج قام بتسميم زوجته ليتزوج سكرتيرته، ورغم أن هذه القضية لم تكن على درجة عالية من الأهمية إلا أنها اختصت بتغطية إعلامية واسعة لكون الزوج رجل صناعة ثرياً وبارزاً. فشل بوارو الحقيقي الوحيد المعروف حدث بينما كان في سلك الشرطة البلجيكية كما جاء في قصة "علبة الشكولاته"، وباعتراف بوارو نفسه في ذات القصة؛ فإنه قد فشل مرات أخرى لكنها لا تحتسب في اعتقاده، لأنه إما كان مريضاً بحيث عجز عن القيام بعمله كما ينبغي، أو أن شرطياً قبله أوكل بالقضية وأفسدها.
في تلك الفترة قتل بوارو رجلاً لأول مرة، كان الرجل يقف على سطح مبنى ويُطلق النار على الناس في الأسفل، فأرداه بوارو في مكانه تلك اللحظة. تأثيرات هذا الحادث غير معروفة، ولم يُشر إليه غالباً، غير أن بوارو لا يعرف ما إذا كان فعله صحيحاً أو خاطئاً، رغم أنه أنقذ أرواح الناس أسفل المبنى. أيضاً، قابل بوارو القوميسيير السويسري مسيو ليمنتيه ويُعتقد أن بينهما معرفة سابقة تعود لأيام عمل بوارو في الشرطة البلجيكية، لم يُذكر القوميسيير سوى في قصة واحدة ما يُرجح هذا الإحتمال. وخلال عمله في الشرطة، قابل بوارو لأول المرة رئيس المفتشين البريطاني جيمس جاب، في "القضية الغامضة في ستايلز"، يذكر أنهما التقيا عام 1904 أثناء تزييف أبركرومبي، وفي نفس العام لكن لاحقاً انضم متنكراً إليه ليصطاد مجرماً خطيراً يُعرف باسم البارون ألتارا، ولا تُعرف تفاصيل هذه الأحداث على وجه الدقة. في 1914 تقاعد بوارو، وعانى من الغزو الألماني..
أتمنى أن يكون الموضوع أنال أعجابكم وأنتظروا الجزء الثاني من هو هيركيول بوارو منقول..